عنه أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الإثنين فقال هذا يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه، وأخرج الإمام أحمد وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين واستنبئ يوم الإثنين وخرج مهاجرا يوم الإثنين وقدم المدينة يوم الإثنين وتوفي يوم الإثنين لاحظوا كيف كان يهتم النبي صلى الله عليه وسلم بالتواريخ والأيام والمناسبات وكذلك الصحابة والمحدثون، وهذا كان هديه صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحيان حيث كان يهتم بيوم الجمعة لأن فيه خلق الله عز وجل آدم عليه السلام، واهتم بعاشوراء لأن فيه كانت نجاة موسى عليه السلام، وأمره جبريل عليه السلام بصلاة ركعتين ببيت لحم ثم قال له أتدري أين صليت؟ قال: لا، قال: صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى عليه السلام (رواه البزار وأبو يعلى والطبراني). اهتمام بالمكان والزمان وتوظيف للمناسبة كوسيلة للتربية والتذكير.
لقد عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن فرحه بيوم ميلاده بالصوم، وللمومنين أن يعبروا عن فرحهم بذلك بكل أنواع العبادات والطاعات ومختلف أصناف القربات ويجتهدوا في ذلك ما أمكنهم ويحمدوا الله عز وجل على ما أوتوا من فضل ونعمة لن يوفوها حقها مهما شكروا ولو استغرق ذلك كل لحظات عمرهم، فكيف يضيعوا عليهم ذلك اليوم؟
المولد النبوي فرصة للمومن ليتذكر اصطفاء الله عز وجل له من بين كثير من الخلق فنسبه إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومناسبة له ليحقق هذا الانتساب بما يستحقه من محبة واتباع، وموعظة له يرى فيها حال المسلمين الذين تتداعى عليهم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها لأنهم غثاء كغثاء السيل لا تغني عنهم كثرتهم العددية ولا ثرواتهم الطائلة، وذكرى له يتذكر فيها حاله مع الله عز وجل وموقعه مما أمره الله عز وجل به يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين.
لن تهتز مشاعر جافة بهذه المناسبة، ولن يخفق قلب قاس لهذه الذكرى، ولن يقف عقل لاه وفؤاد غافل على حقيقة هذه الأيام، وحينذاك ليس على هذا وذاك إلا أن يلوم ذاته ويبكي على نفسه، ويسرع ويسارع ليعرف أنها ذكرى أعز من في الوجود، وسيد ولد آدم، والرحمة المهداة، والشفيع لنا يوم القيامة.
ومن لم يتحرك قلبه بعد ذلك، نسأل الله لنا وله العافية وحياة القلوب المتشوقة المتشوفة إلى حب الله ورسوله وأوليائه. آمين.